سلسلة إقرأ باسم ربك
انور عباسي
الحلقة { ٣ } ;
الجزء الثاني ;
العمل بالعلم
فليكن الإنسان على دراية تامة بأن كل طريق مضى فيه يحتاج منه جهدا كبيرا كي تيسر له سبله ويحصل له مراده به ، والإنسان كلما ازداد علمه تفتحت بصيرته وانشرح صدره واتسع وعيه ، ولكن ما يناله من ذلك العلم لا يتحقق له منه أثره إلا إذا حقق العمل به ، حيث أنه يعلم ويعمل مسلما بعلمه إلى عمله ، فإن العلم نادى بالعلم فإن أجابها ملبيا حل بدارك وإن تأخر عنه حمل بنفسه ثم ارتحل ، فلا معنى لعلم يسكن القلب لا يقابله عمل تجسده الجوارح ، كإنسان أفنى عمره في مطالعة سير العظماء ووقف على جملة خصبة من معالمهم ثم تطل على حياته فلا ترى لذلك أثرا لا ظاهرا ولا خفيا ، فأي النفع الذي أراده حيث تخلف عن إصابة هدفه وغايته من رفع الجهل عن نفسه ، فهو شغل وقته وقطع سهما من تفكيره واقتطع فترة من حياته لأجل أن يترنم لسانه بطيب سير السابقين فينهل منهم العبر والحكم ، لكن العجب إن كان نهله متوقفا على أنه يعلم بذلك فلو تحدث تقول ما أعظمه فكأنه كان يعيش بينهم وفي حضرتهم لكن لو تأملت قليلا لوجدت أبعد من أن يكون كذلك ، فواقعه الذي يعيشه لا يمت بصلة لحقيقة ما هم عليه ، فهذا سببه أن أغفل أن حقيقة العلم تكمن في العمل به وتسطير الفعال موافقة له ، فالعلم إن لم ينفع صاحبه فأي نفع سيطال من حوله ، إن لم يكن لعلمك منك حظ لا في أخلاقك ولا في تعاملك ولا حتى في نفسك فبئس العلم ذاك ، فهو عليك وليس لك ، هو حجة تشوى بها نفسك وحسرة تعلق بها ٱمالها فيأتى إلى عملك فيكون هباء منثورا كأن لم يكن ، فمقصد العلم العمل ، والعمل مفتاحه العلم ، فلو تدبرت في سير السابقين حين كانوا يتلقون ثماني ٱيات ثم ينصرفون لا يتجاوزونها حتى يأتوا إليها وهم عاملون بها ومحققون لها يتحرون سبغ حياتهم بها فهم دانوا عليها فدانت لهم فكانت مرٱة على أحقية ريادتهم ، فأولئك ٱبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع ، فحي هل على تحقيق العلم الذي حصلته طيلة عمرك وأفنيت الجهد واستفرغت الوسع في سبيل إدراكه ، فزين حياتك وجملها بالعمل به وترسيخه في وجدانك بجوارحك التي هي مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة تسكن روحك وتسعى للرقي بك .
بقلم :
أنور عباسي .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق