خاطرة
خَبايا إِيمانِية فِي خَلايَا سَرطَانِية
بقلم: عمر الفاروق إقبال
ضاعت مِني الكلمات وفرت جازعةً من هول مَا كان ومَا سيكون، لعلها وقفة نرجوا بها اسْتدارك مافَاتنا،ونأخُذ من الدَهر ماصَفا ومن العيش ماكفَى ،لحظات هاربة ،في سابقة لم أعهدها في الكُتب ولا الكـُتَّاب .. احتار قلبي والدنيا تَلهو بنا وكُل قارئ مُخْتال يصعب الإِمْساك بِه فهو يجعل من أي كتاب كائن آخر بطريقة أو بأخرى ،كمألوف العادة أُمسيات مع كتاب في المكتبة العمومية للمطالعة لبلدية نقاوس ،التي تركت أثرًا جميلاً في حياتي ،نجد فيها مُتنفَسًا ورَواحاً لأنفسنا من صخب الحياة وقسوتها،بين الرُفوف نَنحر الكُتب بِشَغف.
وقفت عَلى بَعض العناوين أُسجِلها في الذَاكرة ،حتى كلمتني إحدى صديقاتي وهي صاحبة الصوت الهادئ ،الذي تختلجُه نَبرة أشبَه بِوجَع مخبأ: ياعمر دُونك كِتَاب لفلانة . كانت متأثرة وماعرفت ولا عهدت شَخصاً آخر مُتأثرا مِثلها ،كَما هي في حَالها الذي بيَّن لي كِبر ذلك الوجع على صَفحات الكتاب الذي لم أرهُ بَين الكُتب لِنفاذ كَامل النُسخ،قَامت تَبْحث لـي عنه لَرُبماتَجِده يَغْفُو مَع أقرانه وهي غير مُتأكدة من وجوده.
في حديث عابر بيني و بين إحدى موظفات المكتبة التي وعَدتْني بِنسخة منه ،ولاأَعلم ماينتظِرني ، راودتني أفكار غير التي كنت أَزُفها لِقلمي وما غاب عن ذهني كلام إحداهن لحظةً واحدة إنه كتاب ( لزهيرة بودهان التي صَارعت مرض السرطان) يا اللَّه! كم عصر قَلبي لَحظَتها وابِلٌ من الحزن وفقدت طعم القهوة التي كنت أحتسيها واختنقت أنفاسي واضطربت، بعد يومين جاءني الكتاب يَحْمِل معه المِحن التَّي غيَبها عنِي الزمَن وجَعلت أمسَح واجهة غلافه بَكفِ يدي اليُمنى، من عُنوانه مَـأساة يُخالِطها إِيمان ويَقين، أخذته بين يديَّ واضِعا إياه في مِحفظتي السَوداء،وقِصتي لم تَبدأْ بَعد تـَتَدَأْدَأُ فِي روحي وغُصَّة في حَلقي،لَم تُكتب إَلاَّ بَعدما أن أَنهيتُ قِراءة خَبايا إيمانية في خلايا سرطانية،الذي يبعث على الطموح وسُموِّ النفس وبساطة المظهر والإيمان بالله والعلو بالهِمة واتِساع القلب ويجعله خفاقا حنونا للبشر ،في انْسجَام تام مُنَمَّمٌ بمعانٍ رقيقة ،وبه روح الكِفاح و جمال بيَانِي ،من عين الموت إلى كاتبةٍ ،زفراتي تكاد تغلبني لاتذرني ولاتنضب ،لقد قرأت الكتاب في المكتبة مرة حين تعرفت عليه ،ومرات في مكتبي وأخرى في غرفتي وأَوغَلت فيه جيدا ،فكان لنا وقفَة شَرفية لِقراءتِه حبا وكرامةً واكتِشاف ما يَحمل من مَعاني وقِيم إنسَانية،ومواقِف وعِبَر تَجعَلك تُفنِّد هذا العَمل الذي يَحكي عن تجربُة مَليئة بالكثير من الأحداث التَي أبْكت مُقْلتَيَّ وقَرَبت الأُستاذة زهيرة مِني بالرُغم مِن أنَني لَا أعْرفُها ،وإن كَان الحدِيث يَطول سَيغلبُنا البُوح بَاكِيًا يَجْثُو أمَام امرَأة عظيمة ،تَحدَّت المَوت وهو فَاتح بابه عَلى مِصراعَيه يُجهِز أن يُطبق عَليها ،لكنها كانت قوية في أصعب،أيام حياتها ،ولم يبرح قَلبها الأمل الذي انْطَوت عليه تغازِله بِصبرها الذي شَابَه صَبر أيُوب..
أمْسِياتي مَع كِتاب
كتب عمر الفاروق إقبال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق